المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبنية جديدة مكتفية ذاتياً بالطاقة


سيف العرب
04-15-2021, 01:41 AM
أبنية جديدة مكتفية ذاتياً بالطاقة
أبنية جديدة مكتفية ذاتياً بالطاقة

https://www.arabsharing.com/do.php?img=267103 (https://www.arabsharing.com/)



يسكن حالياً في المدن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة، في المستقبل القريب، إلى الثلثين.ويجمع كثير من الإحصاءات على أن المباني السكنية تستهلك حوالي %40 من مجمل موارد الطاقة في العالم، و%25 من مجمل استهلاك المياه، وتسهم في انبعاث %33 من ثاني أكسيد الكربون. لهذا تصبح مشكلة تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في هذه المباني، وإنتاجها الذاتي مهمةً للغاية. لهذا تتجه البحوث التطبيقية في مجال تصميم الأبنية إلى مستويين مهمين: استخدام الأنظمة الذكية لتحسين كفاءة استهلاكها للطاقة، ومن ناحية أخرى إنتاج هذه الطاقة من المبنى نفسه، من خلال تطوير ما صار يُعرف بالأبنية المكتفية ذاتياً بالطاقة أو “مباني صفر طاقة”


تعتمد المباني المكتفية ذاتياً بالطاقة على الجمع بين نجاعةٍ عالية لاستخدام الطاقة من جهة، وتوليد الطاقة المتجددة الكافية للبناء وسكانه من مصادر صديقة للبيئة، رخيصة ونظيفة ومتجددة ومتوفرة بسهولة، كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو طاقة الحرارة الجوفية للأرض؛ والاستقلال قدر الإمكان عن شبكة الطاقة الرئيسة في المدينة، وحتى تزويدها بالفائض من إنتاجها. ويُعدّ ذلك هدفاً طموحاً، يجري حالياً تحقيقه على نحو متزايد، ويكتسب زخماً يوماً بعد يوم في أماكن مختلفة من العالم. كما أن الاهتمام بهذا النوع من الأبنية لم يعد يقتصر على المنظمات البيئية والصحية، بل امتد إلى الشركات التجارية كعنصر مهم للترويج لعقاراتها. كما بدأ تطبيق هذه الفكرة على بعض المؤسسات العامة والتعليمية وغيرها.
تبلورت هذه الفكرة وأصبحت قابلةً للتطبيق بسهولةٍ أكبر بوجود الأنظمة الذكية وتكنولوجيا المراقبـة والسيطـرة الذاتيـة. إذ إن الجمع بين نجاعة الاستخدام وتوليد الطاقة يحتم إدخال الأنظمة الذكية على هذين المستويين، ومن دون ذلك، سيصعب تحقيق هذا الهدف.

التصميم الذكي
يبدأ تنفيذ الأبنية المكتفية ذاتياً بالطاقة بالتصميم الذكي. ويجب أن يكون المصممون والمهندسون المعماريون والمتعهدون، على درايةٍ بجميع الخطوات التي ينطوي عليها بناء منزلٍ صفر الطاقة، وعلى دراية أيضاً، ولو بالحد الأدنى، بكيفية عمل الشبكة والأجهزة الذكية المتصلة بها. وينبغي للمقاولين والمقاولين الفرعيين تنفيذ هذه الخطوات بأكبر قدر ممكن من الفاعلية من حيث التكلفة. وهناك شروط تصميم عديدة ينبغي للبنائين أن يطلبوا من المصممين إيلاء اهتمام خاص بها.


(بيدينجتون زيرو إنرجي ديفلوبمنت)، أكبر وأول مجمع خالٍ من الكربون في المملكة المتحدة، وسقفه مميّز بالألواح الشمسية ومداخن التهوئة
الشبكة الذكية
هي شبكةٌ إلكترونيةٌ تتضمن مجموعة متنوعة من أدوات قياس الطاقة مثل العدادات الذكية، وتخزين الطاقة بتكنولوجيا ذكية، وأجهزة استشعار متنوعة وغيرها، تتكامل كلها مع مصادر متطورة وحديثة للطاقة المتجددة، ووظيفتها السيطرة ومراقبة إنتاج الطاقة وتوزيعه. ومن مزاياها الأساسية:
أ – الاستدامة، نظراً إلى التطورات العديدة والمتسارعة في قطاع تكنولوجيا الطاقة المتجددة، التي باتت متوفرة في الأسواق أكثر من أي وقت مضى، فإن مرونة الشبكة الذكية تسمح بإدخالها إلى النظام بسهولة.
ب – الموثوقية، تستخدم الشبكة الذكية تقنيةً يمكنها اكتشاف أي تلفٍ في الشبكة والقيام بإصلاحها تلقائياً من دون تدخل الفنيين. وسوف تحافظ هذه الميزة على استقرار إمدادات الكهرباء، والحد من الأضرار الناجمة عن العوامل الطبيعية.


ج – المرونة، بعكس الشبكة التقليدية المصممة لخدمة اتجاه واحد للكهرباء، من مصدر الإنتاج إلى مصدر الاستهلاك، حيث تنتج عن ذلك مشكلات ربما تكون خطيرة، كأن تحدث أية كمية زائدة من التيار خللاً في السلامة على مستوى المبنى، تسمح الشبكة الذكية بالعمل في اتجاهين. فتوزيع الطاقة من الخلايا الكهروضوئية على سطح المبنى أو توربينات الرياح وغيرها، التي تستخدم أيضاً خلايا وقود لتخزين الطاقة، يمكنها أن تزود بطارية السيارة مثلاً، أو أي أجهزة داخل المبنى، وتعمل في الوقت نفسه على ضخ الكميـة الزائدة إلى الشبكة المركزية خارج المبنى.
د – النجاعة، بإمكان الشبكة الذكية المواءمة بين زيادة أسعار الطاقة في أوقات أو حالات معينة، وتخفيض أو زيادة كمية الطاقة من الشبكة المركزية أو إليها، وذلك بإيقاف تشغيل بعض المعدات غير الضرورية أو العكس.
ه – مقاومة الكوارث الطبيعية، بالتوقف التلقائي عند أي اضطراب في أي منظومة يمكن أن تؤدي إلى حرائق أو أعطال.

في بداية المشروع، وتحسباً لئلا يحرم المبنى من الطاقة نتيجة أي إخفاق في النتائج المتوخاة، يتم ربط الشبكة الداخلية للمبنى بالشبكة العامة بواسطة الأجهزة الذكية، أو عندما تنتج الشبكة الداخلية طاقةً أقل من المطلوب. وبالعكس، عندما يتم إنتاج طاقة فائضة عن حاجة المبنى، تصدّر الشبكة الذكية هذا الفائض إلى الشبكة المركزية. وهكذا فإن النظام الذكي هو ضروري لعمل هذه الأبنية متجاهلة الطاقة الخارجية.

العنصر البشري
تسحب الشبكة الذكية البيانات من أجهزة المراقبة المنتشرة في جميع أنحاء المبنى لإشراك السكان في عملية إنتاج الطاقة واستهلاكها. وإشراك الشاغلين وتثقيفهم الفعال حول تأثيرات سلوكيات استخدامهم للطاقة الخاصة بهم، هو من العوامل الرئيسة التي تضمن نجاح هذا التصميم التجديدي. فيستطيع المستخدم، وخاصة المتتبع اليومي لحسابه البنكي وإنفاقه المالي خلال شهرٍ مثلاً، ومن خلال تطبيق مراقبة على هاتفه الذكي أن يتلقى البيانات حول ما يستهلكه، من أجهزة الاستشعـار على مجموعة الطاقة الشمسية في المنزل والخدمة الكهربائية الأساسية وشبكة المياه.
فالعنصر البشري هو جزء مهم من أداء الطاقة الصفري والتصميم التجديدي. إنه يشبه إلى حد كبير كيف تستخدم أوراق الأشجار ضوء الشمس لتعزيز نموها وشبكة جذورها وفروعها المتعدّدة من أجل البقاء.